موطن روح القهوة
في مدرجات اليمن الجبلية الضبابية، لا يُعتبر البنّ محصولًا فحسب، بل عهدًا. هنا، قبل أكثر من 500 عام، حضّر الرهبان الصوفيون القهوة لأول مرة، مما أثار شغفًا عالميًا عندما دخل التجار البريطانيون مدينة المخا الساحلية واكتشفوا سحر هذا المشروب المنعش. لم تكن هبة اليمن مجرد سلعة، بل حرفة، رُعت ككائن حيّ عبر أجيال من التفاني والالتزام.

حيث يكتب Terroir النكهة
ينمو البن اليمني في الوديان أو على مصاطب منحوتة يدويًا على المنحدرات، ترعاها الشمس وتقسيها الرياح القاحلة. قليلون هم من يجرؤون على الزراعة في هذه الظروف القاسية. وبسبب الارتفاع الشاهق - حوالي 1200-2400 متر فوق مستوى سطح البحر - يتباطأ الزمن بالنسبة لحبوب البن هذه: تنضج حبات البن ببطء، مركزةً السكريات في نكهات نادرة، تُعتبر حاسة التذوق التي توفرها غالبًا قمة قهوة الأجداد.
لكل شرفة وموقعها قصة مختلفة. المنحدرات الشرقية، المغمورة بنور الفجر، تُضفي أناقةً زهرية. أما الأراضي الغربية، المُدفأة بأشعة الشمس الخافتة، فتُفوح منها نكهات التوت الفاكهية.
بخلاف المحاصيل الوفيرة في البلدان الأخرى، يتميز البن اليمني بطابعه الجامح، إذ يزدهر في ظروف قاسية. تتميز حبوب البن هذه بنكهة هشة ونابضة بالحياة - كـ"ألعاب نارية في الفم" - تليها حلاوة تدوم طويلًا، تُشبه الكراميل أو النبيذ أو خشب الصندل.

طقوس وليست وصفة
بالنسبة لليمنيين، تُعدّ القهوة عهدًا مقدسًا بين الأرض والعمل. يُعامل المزارعون كل شجرة كقرين، رافضين الاختصارات الصناعية. وبينما يتسابق العالم نحو التسليع والصيحات العصرية في طريقة معالجة القهوة، تعود اليمن إلى جذورها: كرز مجفف تحت أشعة الشمس، يداعبه هواء الجبال العليل، محافظًا على نقائها الذي فقدته مع الحداثة.
حتى "نفايات" القهوة مقدسة. لقرون، اعتاد المزارعون شرب "القشر " (يُشار إليه عادةً باسم "الكاسكارا " للقهوة المغسولة) - وهو مشروب ذهبي من قشور البن والزنجبيل والقرفة، نشأ في عصرٍ تجاريٍّ كانت فيه كل حبة ثمينة جدًا بحيث لا يمكن استهلاكها. واليوم، لا يزال هذا "الويسكي العربي" طقسًا ريفيًا، ولا تزال شرارة الكافيين فيه قوية بما يكفي لتدوم طوال الليل.
التكلفة الخفية للندرة
القهوة اليمنية نادرةٌ بطبيعتها. لا ينجو من الجبال إلا القليل منها، إذ تفتقر المزارع الصغيرة (الراعية لأصنافٍ موروثة) إلى وسائل شحنها إلى الخارج. ما يصل إلى فنجانك يبقى أثرًا: أقل من 0.1% من الإنتاج العالمي.
ومع ذلك، فإن هذه الندرة ليست استغلالاً. فعلى عكس المزارع التي تحتكرها السلالات الحاكمة، تظل تجارة البن اليمنية ديمقراطية بامتياز. بإمكان أي شخص لديه الشغف والمثابرة الانضمام - لا حراس ولا ظلال. فالإخلاص والحماس سيسمحان لأي شخص بدخول السوق والاستفادة من خيراته.


كأس يحمل قرونًا
عندما تجد "قهوة يمنية" في المقاهي، غالبًا ما تكون تكريمًا، وليست أصلية. تُقدم المتاجر التقليدية القهوة أو القشَر ، وهي مشروبات مُنكّهة غنية بالثقافة، لكنها تُخفي جوهر حبوب البن. إنه تقليدٌ وُلِدَ من رحم الضرورة: منذ قرون، كانت أجود أنواع حبوب البن تُبحر إلى شواطئ أجنبية، بينما كان السكان المحليون يرتشفون قشورها وخلطاتها. ما وصل إلى أوروبا في القرن السابع عشر كان قهوة يمنية خالصة، وحبوبنا هنا في موكالوكس تُحيي تلك السلالة - دون أي تعديلات تُواكب التسويق العالمي لحبوب البن. لكل دفعة نشتريها قصة جبلية، ومزارع، وقمر حصاد، وقصة نعتز بها بشدة. لا نبيع إلا أفضل ما تُقدمه أرضنا.
يقدم كتالوجنا شيئًا نادرًا: روح اليمن النقية.
رشفة أخيرة من الحقيقة
هذه الحبوب هي حبوب قهوة يمنية أصيلة، خام، برية، وغير ممزوجة، خالية من أي إضافات. لا تحتاج القهوة اليمنية المميزة إلى أي توابل إضافية لتجعل رشفتها ممتعة. صفاء حبوب البن هو تاجها، تحمل في طياتها عبيرًا زهريًا متصاعدًا ونكهات نبيذية ساحرة جعلت مدينة المخا في يوم من الأيام محط أنظار الإمبراطوريات. هذه ليست قهوة اليمن، بل هي القهوة التي بنت اليمن.
لقرون، تذوّق العالم أسطورة اليمن. الآن، يمكنك تذوّق ذكراها الحية .